حل درس قلب امي للصف السابع مادة اللغة العربية
حل درس قلب امي للصف السابع PDF
نواتج التعلم لدرس حل درس قلب امي صف سابع:
- يتعلم المتعلم تقنيات السرد والوصف والحوار في الكتابة القصصية
قلب أمي (قصة قصيرة)
الشارع خالٍ إِلَّا مِنْ بعض السيارات التي يتوالى مُرورُها عَبْرَ لَحَظاتٍ مُتقطعة ، ظِلالُ الأشجارِ المُرْتَسمة أطراف الرصيف تُوحي بالوحشة، هذه العمارات المتناثرة أمامي على جانبي الشارع تُخفي داخلها على الترجمة الحقيقية لأثرِ الزَّمَنِ الَّذي نَظُنُّه يَمرُّ بينما نحنُ الَّذينَ نمر منه مُسرعين … (مطبات) الرصيف تُذكرني بأمي الواهنة التي أحملها على ظهري؛ لأوصلها إلى المستشفى، دفء أمي يردني إلى عالم الطمأنينة كلما أوغلتُ في تفرّس الأشياء… دقات قلبها الضعيف تُرتب مع خطواتي
المتعجلة تحديا واثقا لكل هواجس الصمتِ الَّتِي تُحاصِرُني.
المستشفى يتباعد كلما تذكرتُ غيبوبة أُمّي قبل دقائق، يتباعد كثيرًا مع كل سيارة تَمرُّ مُسرعةً دون أن تتوقف أو ( تزمر ) .. ولكن لا بأس، سأصل ما دام هناك مستشفى، ولي قدمان أثق بقدرتهما على إنهاء هذه المهمة، فقد كنتُ أقطع أكثر من هذه المسافة أيام كنتُ جنديًا، فالسَّيرُ الطَّوِيلُ معَ كامل التجهيزات العسكرية درس جيد أستفيد منه الآن، ولا أنسى تلك الليلة التي قطعتُ فيها عشرين كيلو مترا في أرضِ وَعرةٍ دُونَ توقف… إنَّها ليلة لا تُنسى.
صوتُ أمي الضعيف، يُعيدُني إلى عالم الشُّعور : لقد أتعبتك يا ولدي .. «ربنا يوفقك». «حَمَلتْني تسْعَةَ أَشْهُرٍ في أحشائها .. وتعتذر ! يا لطيبتها ! « الإنسانُ الطَّيبُ ؛ هكذا يَعْتَذِرُ إلى الآخَرِينَ من التقصير ».
يَصْحَبُنِي حَفِيفُ الأشجار، وانعكاس أشعة المصابيح على الأشياء، وأملي أن تعيش والدتي، كلها تغاريد حب ومودة تنتقل معي.
أمي بالنسبة إليَّ هِيَ حِمْلٌ مُقدَّس. قدماي تسرعان أكثر .. ويبدو الشارع ثعبانا أسود لا يكاد ينتهي. سيارة تقترب – خِلْتُها ستمر مثل غيرها – تقف بمحاذاتي، ويُطل السائق برأسه، ويَطْلُبُ مني دينارين ليُوصلنا إلى المستشفى. لم تعد المسافة طويلة .. نصف ساعة وأصل؛ ولكني حريص على سلامة أُمّي. وافقت على طلبه، وأنزلتها على الرصيف الأفتح باب السيارة، حينئذ تنبهت الخطوط (البيجاما) التي ألبسها، ارتبكت بشدة.. سألني السائقُ عَمّا بي .. أعلمتُهُ أني لا أحْمِلُ نقودًا الآن … يقهقه ضاحكا ويسحب سيارته بسرعة. ما هذا؟ أيظن أني أحمل كيس ملابس ! أتمتم غاضبًا .. تدرك أُمِّي حَرَجي والحُزنَ الَّذِي طَغَى على حركاتي؛ فتَمْسَحُ على رأسي وتقول: «اللهم اهدِهِ».
نصفُ ساعةٍ عَنِ المُستشفى، لكن لماذا أفكر في الوقت، وأنا لا أستطيع تجاوزه بغير هاتين القدمين؟ ليكن ما يكون فحرصي على حَياةِ أُمِّي شَيْءٌ آخر! أرقام السيارات التي تعكسها الأضواء الخلفية تهزأ مني، ومن قدرتي. وكأنها تقول : متى ستصل يا مسكين .. يا للفقير الَّذِي يَركبُ قَدَمَيْهِ
في هذه الساعة المتأخرة من الليل .. إلى أين؟ الكتل اللحمية التي أراها مكومة داخل السيارات تهز أطرافها ساخرة .. ثمّ سرعان ما يبتلعها الظَّلام، وتختفي بين العمائر والأشجارِ الَّتِي أَتَسَلَّى بعدها كلَّما خلا الشَّارِعُ، تُبَشِّرُنِي بقرب الوصول، وتُوشْوشُ في أذني أَنَّ بَابَ المُسْتَشْفَى بِات قريبًا .
صوتُ (زامور) إسعاف طويل يُوحَدُ بَيْنَ لِساني ولِسانِ أُمّي، فنقول «يا ساتر » حينَ تمرُّ السَّيَّارَةُ وتدخل المستشفى مُسرعةً دونَ أَنْ تَخْفِلَ بنا.
لا بأس يا أمي، ها قد وصلنا .. حَرَكَاتُ نَشِطَةٌ داخل غُرْفَةِ الإِسعاف، وانتشار الدم عند الباب. أُمِّي تُردّد .. وأُردِّدُ مَعَها: «يا رَبُّ الْطُفْ». أنسى أنَّ أُمي واهنة ومريضة، ولا تتمكن من الوقوف على قدميها، أجلستها على الكرسي في صالة العيادة وهي تدعو لَهُ «الله لا يَضُرُّهُ». وقفت مقابل غرفة الإسعاف؛ لاستجْلِيَ حَقيقة الحادِثِ ، وأنتظر أمر الطبيب المناوب لإدخال أُمّي.
تخرج إحدى المُمرضات مسرعة لى بنك الدم .. تعود مسرعة لتعلم الطبيب بعدم وجود دم من فئة دم المصاب، وأن حاجة المريض إلى الدم ملحة بعد أن نزف كمية كبيرة من دَمِهِ.
مَنْ عَسَاهُ يَتبَرِّعُ بدَمِهِ؟ «مَنْ دَمُهُ مِن فَئَةِ كَذَا ؟ يَسأَلُ الطَّيبُ بلهفة. لم يكن في العيادة وقتئذ إلا أنا، وأمي، والسائق الذي أوصل المُصابَ، والطبيب، ومُمَرَّضَتان.
يلتفتُ بعضُهم لبعض في حيرة، بينما نداء يذكرني بداخلي .. نوع دمي. أرد بلهْفَةٍ: «نعم، أنا أتبرع بدمي يا دكتور».
يأْخُذُني إلى الغُرفةِ الَّتِي سُجِّيَ فيها المُصاب، أتملَّى وَجْهَهُ .. يا للهول !… إِنَّه هو ! أقترب منه أكثر، وشريط مِنَ الذكرياتِ الَّذي لَمْ يَمْضِ عليه نصف ساعة، يقفز إلى عيني ولساني، أتمتم مدهوشا: هُوَ بِعِينِهِ! يَستغربُ الطَّبيبُ مِنْ دَهْشَتي في الوقْتِ الَّذِي مَدَدْتُ فيه ذراعي ليأخذوا مِنِّي وَحدةَ الدَّم، يَسْتَفسُرُ مِنِّي.
رَدَدْتُ: «لا شيء يا دكتور».
أُسْرِعُ إلى والدتي لأُطْلِعَها على حقيقة الحادِثِ ريثما يفرغ الطبيب من نقلِ الدَّم إلى جسم المُصاب، أُمّي تُتمتم: «الله لا يَضُرُّهُ». أجلس جانبها وما زلتُ أردِّدُ مُحِدِّثًا نَفْسِي: «هُوَ .. هُوَ نَفْسَهُ»! «مَنْ هُوَ يا بني»؟ تساءلت أُمّي. قُلتُ: «السّائقُ الَّذِي أَوْقَفَ سَيَّارَتَهُ وقهقه وأَسْرَعَ».
أُمّي تَهزُّ رأسها .. تمسك بيدي وتتمتم: «لا حول ولا قوة إلا بالله». الطبيب يُنادي والدتي، أحملها ونظراتها تُفتِّشُ في جوانب الغُرْفَةِ، يَسأَلُها: الطبيب من تشكو ؟ فتصِفُ حالتها ، يكتب لها وصفةً، ويُناولني دواء مُسَكِّنا حتَّى الصباح رَيثَمَا يَشْغَرُ سَرير في القسم الباطني…
تستند والدتي إلى كتفي بعد أن استردَّتْ شَيئًا مِنْ هِمَّتِهَا، وَتَرْجُو الطبيب ليُرِيَها الشاب المصاب.
أَدْخُلُ وإِيَّاهَا بِمُرافَقَةِ الطَّبيب، عادَ المُصاب إلى شَيْءٍ مِنْ وعيه .. يُحدِّقُ فِي الآنَ، يبتسمُ الطَّبِيبُ وهو يقولُ لَهُ مُشيرًا إلى: «هذا الَّذي أنقذ حياتكَ بدَمِهِ»! خَجِلْتُ مِنْ نَفْسِي كَثِيرًا؛ لأنَّني لَا أَسْتَسِيعُ طَعْمَ الخَيْرِ الَّذِي يُعَذِّبُ بِهِ الآخرون. وتمنيت ألا يخبره الطبيب بذلك، طأطأتُ رأسي في الوقْتِ الَّذِي كَانَ الشَّابُ يَمِيلُ برأْسِهِ إلى الجهة الأُخْرى؛ ليكتب بطاقة اعتذارٍ مِنْ دُموعِهِ. أُمي تبتسم برفق. التفتُ إليها، ثم تلتفت إلي وهي تُقول: «لا حول ولا قوة إلا بالله».